كيف تتعامل مع الصراعات في مكان العمل بشكل احترافي في المغرب؟
افي ظل غياب تام للسياسات المواطنة، فاعلون سياسيون يغرقون في حسابات ضيقة تتجاهل أولويات التنمية ودعوات تخليق الحياة العامة.
تعيش الساحة السياسية بجهة فاس-مكناس على وقع انهيار متسارع في ظل هيمنة الصراعات حول المناصب والمكاسب الشخصية، مما أفرغ العمل السياسي من محتواه الخدماتي للمواطن. ويأتي هذا الانحراف الخطير في وقت تتوالى فيه التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى تخليق الحياة العامة وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتتواصل الحملات الأمنية التي أطاحت بالعديد من المتورطين في قضايا فساد سياسي وإداري.
وتتجلى مظاهر هذا الصراع بشكل واضح في كواليس المؤسسات المنتخبة بالجهة، حيث تحولت التحالفات والتكتلات إلى مجرد غطاء لتحقيق مصالح ذاتية ضيقة، بعيداً عن البرامج التنموية والسياسات المواطنة التي ينتظرها الشارع. وقد أدى هذا الوضع إلى شبه شلل في أداء بعض المجالس، وتأخر في تنفيذ مشاريع حيوية، وسط استياء متزايد لدى المواطنين الذين لم يعودوا يلمسون أثراً للوعود الانتخابية على أرض الواقع.
المثير للاستغراب، حسب متتبعين للشأن المحلي، هو أن هذا الصراع المحموم يأتي في تناقض صارخ مع الخطب الملكية المتكررة التي تشدد على ضرورة خدمة الصالح العام والارتقاء بالعمل السياسي. كما يتجاهل هؤلاء الفاعلون الرسائل القوية التي تبعث بها الدولة من خلال الحملات الأمنية والقضائية المستمرة ضد الفساد، والتي تهدف إلى إرساء مناخ من الثقة والشفافية.
وفي هذا السياق، يرى محللون للشأن المحلي أن ما نشهده اليوم هو نتيجة طبيعية لضعف الديمقراطية الداخلية للأحزاب، التي أصبحت تفرز نخباً لا هم لها سوى خدمة مصالحها الخاصة. ويضيفون أن غياب أي رؤية سياسية واضحة وموجهة للمواطن يجعل الصراع على “الكراسي” هو المحرك الوحيد للمشهد، وهو ما يهدد بتقويض الثقة بشكل كامل في المؤسسات المنتخبة.
وتجدر الإشارة إلى أن جهة فاس-مكناس، بما تحمله من ثقل تاريخي واقتصادي، تعتبر من الأقطاب التي يعول عليها لتحقيق نموذج تنموي جهوي متقدم، وهو ما يستدعي وجود طبقة سياسية مسؤولة تضع مصلحة الوطن والمواطنين فوق كل اعتبار، وتستجيب بجدية للتحولات العميقة التي تعرفها المملكة.