مرة أخرى، اهتزت مدينة فاس على وقع حادثة دهس مروعة قرب باب فتوح، بعدما صدم قطار كان متوجها نحو وجدة شابة من مواليد سنة 2001، لتكون هذه هي الحادثة الثانية في أقل من أسبوع وفي نفس المكان، وكأن التحذيرات السابقة لم تكن كافية لتوقظ ضمير المسؤولين.
المنطقة أصبحت تعرف بين السكان باسم “نقطة الموت”، حيث يضطر العشرات من المارة يوميا لعبور السكة الحديدية، رغم الخطر المحدق بهم، في غياب تام لقنطرة أو ممر علوي آمن يحمي حياتهم. مشهد يومي مؤلم يتكرر أمام أعين الجميع: أطفال، نساء، وشيوخ يغامرون بأرواحهم لعبور السكة فقط للوصول إلى مدارسهم أو منازلهم، وكأن حياة الناس لا تساوي شيئا في ميزان الأولويات.
المؤسف أن مثل هذه الممرات الخطيرة لا تزال منتشرة في عدد من المدن المغربية، في وقت تصرف فيه الملايين على مشاريع تجميلية لا تمس حياة المواطن اليومية. فهل بناء قنطرة آمنة فوق السكة الحديدية أمر يفوق قدرات الجماعة والجهة والمكتب الوطني للسكك الحديدية؟ أم أن حياة الناس لا تدخل ضمن الحسابات السياسية؟
حادثة باب فتوح ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة ما دام الحل البسيط مفقودا. القنطرة ليست ترفا عمرانيا، بل ضرورة لإنقاذ الأرواح. كل تأخير في إنجازها يعني احتمال وقوع مأساة جديدة في أي لحظة.
على السلطات المحلية والمكتب الوطني للسكك الحديدية أن يتحملا مسؤوليتهما الكاملة، وأن يتوقفا عن سياسة الصمت والانتظار. حياة المواطنين ليست رقما في إحصائيات الحوادث، بل مسؤولية أخلاقية وقانونية تستوجب الفعل قبل وقوع الكارثة التالية.
إن بناء قنطرة فوق سكة القطار لم يعد مطلبا سكانيا فقط، بل مطلب إنساني عاجل، لأن المدن التي تحترم أبناءها لا تتركهم يعبرون الموت كي يصلوا إلى بيوتهم.
