فاس – في ظل ارتفاع درجات الحرارة المتزايد وتفاقم تحديات التغير المناخي، تتصاعد المطالب بإعادة تقييم سياسة التشجير المعتمدة في المدن المغربية، وعلى رأسها مدينة فاس التي شهدت تحوّلاً ملحوظاً في طبيعة الأشجار المزروعة في فضاءاتها العمومية.
وكانت فاس، العاصمة الروحية للمغرب، معروفة بأشجارها الظليلة التي تكسو شوارعها وساحاتها، مانحة السكان والزوار بيئة مريحة وفضاءات طبيعية تقي من حرارة الصيف. غير أن السنوات الأخيرة شهدت توجهًا بلديًا جديدًا تمثل في استبدال هذه الأشجار الظليلة بأشجار النخيل التي تتميز بجمالها لكنها تفتقر إلى الظل الكافي، مما أثر سلباً على راحة المواطنين وأجواء المدينة.
وأطلقت مجموعة من الناشطين البيئيين حملة تحت شعار “ازرع شجرة لا نخلة – الشجرة ظل وخضرة”، تدعو من خلالها الجهات المسؤولة عن الحدائق والمساحات الخضراء إلى مراجعة اختياراتها وإعطاء الأولوية لأشجار الألبيزيا، التي تُعتبر بديلاً مثالياً للأشجار الظليلة في المناطق الحضرية.
وتتميز أشجار الألبيزيا بعدة خصائص تجعلها مناسبة للمدن، منها:
- النمو السريع الذي يتيح تحقيق فوائد بيئية في وقت قصير.
- التاج الواسع والمظلي الذي يوفر ظلًا كثيفًا يمتد لأمتار عديدة.
- الخضرة الدائمة التي تحافظ على أوراقها طوال العام، مما يعزز الجمال الطبيعي للمدينة.
- القدرة على التكيف مع مختلف الظروف المناخية، ما يجعلها مناسبة للبيئة المغربية المتنوعة.
وتلعب أشجار الألبيزيا دوراً هاماً في:
- تخفيض درجات الحرارة في المناطق الحضرية عبر الظل الواسع.
- تقليل العواصف الترابية والغبار.
- تحسين جودة الهواء من خلال امتصاص ثاني أكسيد الكربون وإنتاج الأكسجين.
- خلق فضاءات اجتماعية طبيعية يتجمع فيها الناس للراحة والتواصل.
وتُظهر صور متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي تجمعات المواطنين تحت ظلال الأشجار الكبيرة، مما يعكس الحاجة الملحة إلى توفير المزيد من الأشجار الظليلة في الفضاءات العامة. هذا الواقع يؤكد أن الأشجار ليست مجرد زينة، بل ضرورة بيئية واجتماعية تعزز جودة الحياة.
ويطالب المواطنون والناشطون البيئيون الجهات المحلية بـ:
- إعادة تقييم سياسة التشجير الحالية.
- إعطاء الأولوية للأشجار الظليلة في المشاريع المستقبلية.
- وضع خطة تدريجية لاستبدال أشجار النخيل بأشجار الألبيزيا.
- إشراك السكان في اتخاذ القرارات المتعلقة بالمساحات الخضراء.
وتظل قضية التشجير في المدن المغربية من القضايا الحيوية التي تستدعي رؤية شاملة تراعي احتياجات المواطنين والتحديات البيئية الراهنة. وبينما تحتفظ أشجار النخيل بقيمتها الثقافية والجمالية، فإن الحاجة الملحة للظل والراحة الحرارية تجعل أشجار الألبيزيا وغيرها من الأشجار الظليلة الخيار الأنسب لمستقبل أكثر استدامة وراحة للعيش.
إن العودة إلى الأشجار الظليلة ليست مجرد استعادة للماضي، بل هي رؤية مستقبلية لمدن أكثر خضرة وحيوية.
عن موقع: فاس نيوز