ويندرج هذا المشروع، الذي رُصد له غلاف مالي يناهز مليار و800 مليون درهم، ضمن الاستراتيجية الوطنية لتقوية البنية التحتية المائية، انسجاما مع التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى تسريع وتيرة إنجاز السدود الكبرى والمتوسطة، خاصة بالمناطق التي تعرف تساقطات مطرية هامة.
وأكد الجيلالي الدومة، رئيس إعداد مشروع سد «رباط الخير»، في تصريح لـLe360، أن هذا الورش الحيوي يندرج ضمن المخطط الوطني لتزويد المغرب بالماء الصالح للشرب للفترة 2020-2027، ويُعدّ من أهم المنشآت المائية الاستراتيجية بحوض سبو، نظرا لدوره المحوري الذي سيلعبه في تعزيز القدرة التخزينية للسدود عبر توفير حقينة مائية تبلغ سعتها 124 مليون متر مكعب، موضحا في السياق ذاته أن نسبة تقدم الأشغال بلغت، حتى الآن، حوالي 10%، حيث شملت المرحلة الحالية تهيئة الأرضية وتجهيز الورش بالمعدات التقنية والبشرية اللازمة للانطلاق في عمليات البناء، وفتح المقلع الخاص بالمواد الأولية، مع توقع استمرار أشغال البناء لمدة تقارب 60 شهرا.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن السد، الذي أُطلقت أشغاله في ماي 2024، يُنجز على وادي الزلول، أحد الروافد الأساسية لوادي سبو، على بعد نحو 9 كيلومترات من مدينة رباط الخير، بإقليم صفرو، يُشيَّد وفق نمط السدود الردمية الصخرية بقناع أمامي من الخرسانة المسلحة، بارتفاع يبلغ 76 متراً وطول عند القمة يناهز 530 متراً، فيما يُقدَّر حجم الردوم المستخدمة بثلاثة ملايين متر مكعب.
ويُرتقب أن يُساهم سد «رباط الخير» في ضمان إمدادات مائية مستدامة لمدينة صفرو وعدد من الجماعات القروية المجاورة، التي تواجه، خلال السنوات الأخيرة، ضغطا متزايدا على الموارد المائية، كما سيمكن من تثمين الأراضي الفلاحية الواقعة في السافلة، مما سيُعزز الإنتاج الفلاحي ويساهم في الوقاية من الفيضانات التي تهدد المنطقة خلال فترات الأمطار الغزيرة، كما يتيح هذا المشروع إمكانية استغلال تدفقات المياه لإنتاج الطاقة الكهرومائية، في انسجام مع توجه المغرب نحو تنويع مصادره الطاقية وتعزيز استعمال الطاقات المتجددة.
وقد رُصد لهذا المشروع غلاف مالي يُناهز مليار و800 مليون درهم، يغطي الدراسات التقنية، و أشغال الهندسة المدنية والهيدروميكانيكية، إضافة إلى تعبئة حوالي 630 هكتارًا من الأراضي اللازمة لبناء السد وتكوين حقينته. ومن المرتقب أن يُساهم هذا الورش التنموي في إحداث دينامية اقتصادية محلية من خلال خلق فرص شغل مباشرة وغير مباشرة، إلى جانب دعم الأنشطة الفلاحية والسياحية، ما سيُعزز جاذبية الإقليم ويرفع من مؤشرات التنمية به.
سد رباط الخير.. مشاهد حصرية ترصد وتيرة أشغال أحد أهم المنشآت المائية بالمغرب
ومن جانبه، أوضح حمزة الشرقي، مدير أشغال ورش سد «رباط الخير» بإقليم صفرو، أن هذا المشروع يعد نموذجا للمقاربة الاستباقية التي تنهجها المملكة لمواجهة ندرة المياه وضمان تدبير عقلاني ناجع للثروة المائية، في إطار مواصلة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لبناء السدود الكبرى، التي أرسى دعائمها الملك الراحل الحسن الثاني، ويواصل تعزيزها الملك محمد السادس من خلال رؤية طموحة لتعزيز الأمن المائي.
وأكد الشرقي أن أشغال هذا السد تُنجز بكفاءات مغربية خالصة، بتأطير وإشراف مهندسين وتقنيين من خريجي المدارس والمعاهد الوطنية، وبتنفيذ شركة مغربية وطنية، معتمدة على تقنيات متطورة، من بينها تقنية «الردوم الصخرية» التي تُستخدم في بناء جسم السد.
كما أشار المسؤول ذاته إلى أن الورش يشهد تعبئة مكثفة للآليات والموارد البشرية، حيث تتواصل الأشغال بوتيرة متسارعة وعلى مدار الساعة، لضمان احترام الآجال الزمنية المحددة، بل وتجاوزها إن أمكن، تماشياً مع الظرفية الوطنية التي تعرف ضغطاً متزايداً على الموارد المائية نتيجة توالي سنوات الجفاف وندرة التساقطات، في أفق أن يُصبح سد رباط الخير أحد الأعمدة الأساسية للبنية التحتية المائية بجهة فاس-مكناس، ورافعة للتنمية المجالية والعدالة المائية بالمنطقة.
في 25/06/2025 على الساعة 07:00