بعد فشلها في مجاراة الاختراقات والنجاحات الدبلوماسية التي حققها المغرب في ملف وحدته الترابية، وفشل مؤسساتها في تدبير مجموعة من الملفات على الساحتين الإقليمية والدولية، لم تجد الجزائر التي تقود الطرح الانفصالي المعادي للرباط سبيلا آخر لإخفاء عجزها السياسي والدبلوماسي سوى بتوظيف إعلامها الموالي وذبابها الإلكتروني الذي تُعشعش عقيدة العداء للمغرب في عقول نخبه؛ من أجل استهداف المؤسسات المغربية، على رأسها مؤسسة الجيش، للترويج للأخبار الزائفة لزعزعة عقيدة أفراده الذين نحتوا رمال الصحراء المغربية بدمائهم ومازالوا على عهد أجدادهم باقين.
في هذا الإطار، روجت منابر إعلامية محسوبة على الخط المعادي للرباط “أخبارا” تدعي من خلالها انشقاق بعض الضباط عن القوات المسلحة الملكية، وهو ما نفته الأخيرة في بلاغ على صفحتها الرسمية على “فيبسوك”، مسجلة أن “الترويج لهاته المعلومة الزائفة يظهر مدى يأس وتخبط أعداء المغرب بعد عجزهم عن النيل منه بشتى الوسائل”.
وليست هذه هي المرة الأولى ولن تكون الأخيرة على الأرجح التي يتم فيها الترويج لمعلومات وأخبار يستحيل على عقل سليم أن يُصدقها، فيما يرى متتبعون أن هذه الممارسات إنما تعكس قصور العقل السياسي والإعلامي في الجزائر وفي غيرها من الدول التي مازالت متمسكة بطرح لم تعد الأمم المتحدة نفسها مؤمنة بجدواه، كما تعكس توجسا جزائريا ظاهرا من حالة الإجماع التي تحظى بها قضية الصحراء المغربية في صفوف كل مكونات المجتمع المغربي واستعدادها للتضحية من أجل وحدتها الترابية.
رد جزائري وسمعة سيئة
حسن سعود، باحث في المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية، قال إن “انتهاج الجزائر إستراتيجية ترويج الأخبار الزائفة التي تستهدف المؤسسات المغربية يأتي ردا على النجاحات الدبلوماسية التي حققها المغرب في السنوات الأخيرة، مقابل فشل الدولة الجزائرية في حشد الدعم لطرحها الانفصالي وفشلها في مجموعة من الملفات الأخرى التي عمقت عزلتها، في وقت تستمر الرباط في حشد الدعم والتأييد الدوليين لسيادتها على أقاليمها الجنوبية”.
وأضاف سعود في تصريح لهسبريس أنه “لا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنة إنجازات وتراكمات دولة تعود إلى قرون من الزمن بحجم المغرب ودولة لم تبلغ بعد سن الرشد السياسي، وهو ما تعكسه ممارستها مثل هذه الأساليب في تدبير خلافاتها السياسية مع الدول”، مسجلا في الوقت ذاته أن “الجزائر تعلم علم اليقين أن مسألة الوحدة الترابية تحظى بإجماع كل مكونات المجتمع المغربي قيادة وشعبا وجيشا، وهو ما تحاول الآلة الإعلامية الجزائرية والصحافة الموالية استهدافه، غير أنها لم ولن تنجح في ذلك أبدا، ذلك أن الشعب المغربي على وعي كبير بهذه الأجندة الجزائرية”.
وأشار الباحث ذاته إلى أنه “لا يجب إيلاء الاهتمام لهذه الأخبار الزائفة، خاصة أنها تأتي من أطراف معروفة بعدائها للمغرب، ولها سمعة سيئة على المستوى الدولي”، موردا أن “المغرب يسير بخطى حثيثة في اتجاه الحسم النهائي لملف وحدته الترابية بدعم من الشعب وكل المؤسسات، وبالتالي فإن كل ما تقوم أو ما ستقوم به الجزائر لا يمكن أن يؤثر على هذه الدينامية”.
وخلص المتحدث ذاته إلى أن “الجزائر إنما تفضح نفسها أمام المنتظم الدولي بهذه الممارسات وتؤكد محدودية فكرها السياسي في تدبير علاقاتها الدولية وملفاتها الكبرى، وخير دليل على ذلك الخسارات المتوالية التي مٌنيت بها في الآونة الأخيرة، بدءا بملف الانضمام إلى ‘البريكس’ وخسارتها ملف تنظيم ‘الكان’ 2025، وفشلها في إقحام البوليساريو في القمة السعودية الإفريقية الأخيرة، وقبلها فشل القمة العربية في الجزائر؛ وأخيرا الصفعة التي تلقتها ‘القوة الضاربة’ من طرف المنتظم الدولي في القرار رقم 2703 الذي أكدت أنها طرف أساسي في النزاع المُصطنع في الأقاليم الجنوبية للمغرب؛ في وقت تتجه المملكة إلى تأكيد مكانتها كقوة إقليمية صاعدة على كافة المستويات، مع نجاحها في حصد ثقة المجتمع الدولي في عديد المناسبات، آخرها تنظيمها لكأس العالم 2030”.
تضليل إعلامي وإدراك جماعي
البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، قال إن “هيستيريا التضليل الإعلامي الذي تنتهجه الدوائر المعادية للمملكة المغربية باستهداف المؤسسات الإستراتيجية للدولة بالأخبار الزائفة والأكاذيب المفضوحة مازال متواصلا، آخره الخبر الذي روجته صفحات ومواقع تابعة لجهات معادية حول انشقاق ضباط مغاربة، بعد فشل العديد من المخططات الرامية إلى إضعاف الموقف المغربي المتماسك داخليا وخارجيا باصطفاف كل القوى الحية في المغرب وراء المؤسسة الملكية، وهو ما يؤكد على حالة الهزيمة النفسية التي يعاني منها خصوم المملكة المغربية داخليا وخارجيا بفضل النجاحات الكبرى التي تحققها المملكة في مختلف الميادين، سواء منها المدنية أو العسكرية”.
وأشار البراق إلى أن “لجوء الجهات المعادية بالمغرب إلى أساليب الجيل الرابع من الحروب الذي يعتمد على حرب الإشاعات والأكاذيب والتضليل الإعلامي والخداع الإستراتيجي باستهداف المؤسسات الإستراتيجية للدولة المغربية، كالقوات المسلحة الملكية المغربية والمؤسسات الأمنية، هو فصل أخير من فصول رقصات الديك المذبوح، ومحاولة فاشلة للتأثير على الموقف الداخلي، خاصة في ظل المتغيرات الجيوسياسية الإقليمية والدولية التي تسير في اتجاه دعم واسع للمسارات والجهود المغربية للطي النهائي لملف الوحدة الترابية على أساس مخطط الحكم الذاتي، باعتباره الحل الممكن الوحيد الذي يحافظ على ميكانيزمات الاستقرار الإقليمي والسلام العالمي”.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن “لغة بلاغ القوات المسلحة الملكية التي فندت من خلاله هذه الادعاءات كانت متماسكة وقوية وواضحة في مقاصدها ومراميها، وهو دليل آخر نستشف منه حزم المؤسسة العسكرية في مواجهة الأخبار المغرضة التي تستهدف النيل من الروح المعنوية لأفرادها، كما هو شأنها في مواجهة كل المحاولات الفاشلة لاستهداف أمن و استقرار الوطن”، موردا أن “القوات المسلحة الملكية تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة عودتنا على مهنيتها العالية وحرفيتها الكبيرة في مواجهة كل الأخطار التي تهدد استقرار وأمن البلاد”.
وخلص الخبير الدولي ذاته إلى أن “التفاعل الإيجابي على وسائل التواصل الاجتماعي مع نص البلاغ يؤكد ثقة الشعب المغربي الكاملة في القدرات القتالية للقوات المسلحة الملكية بكل فروعها، تحت قيادة جلالة الملك؛ وحيث إن هذا التفاعل أكد إدراكنا الجماعي لحرفية ومهنية المنتسبين لصفوفها، وأظهر أن المغاربة متأكدون أن جيشهم لديه القدرة التدميرية الكافية لوضع النقاط على الحروف إقليميا ودوليا، ومعرفتهم بجسامة المسؤولية المقدسة الملقاة على عاتق القوات المسلحة لحماية الوطن من أي اعتداء خارجي”.