أكد خبراء في الاقتصاد والاجتماع أن تحقيق تنمية متوازنة وشاملة في المغرب يتطلب تنسيقًا محكمًا بين السياسات الاقتصادية والاجتماعية، بما يضمن العدالة المجالية وتحسين ظروف عيش المواطنين، خصوصًا في المناطق التي تعاني من الهشاشة.
و شدد المتدخلون خلال ندوة نظمت مؤخرا بالعاصمة الرباط، حول “رهانات التنمية المتوازنة في المغرب”، على أن الفصل بين الرؤية الاقتصادية من جهة، والسياسات الاجتماعية من جهة أخرى، يؤدي إلى اختلالات بنيوية تعرقل التوزيع العادل لثمار النمو، وتزيد من حدة التفاوتات المجالية والاجتماعية.
و أكد المشاركون أن الاقتصاد لا يمكن أن يكون غاية في حد ذاته، بل يجب أن يكون في خدمة الإنسان، معتبرين أن التنمية الاقتصادية التي لا تُترجم إلى تحسين ملموس في التعليم، الصحة، والسكن، تظل ناقصة الأثر وضعيفة الأثر المجتمعي.
و في هذا السياق، أشار الدكتور أحمد الكتاني، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس، إلى أن “النموذج التنموي الجديد للمغرب يشكل فرصة لإعادة ضبط العلاقة بين ما هو اقتصادي وما هو اجتماعي، من خلال بلورة سياسات مندمجة تنبني على التناغم والنجاعة”.
و أضاف أن تنمية القطاعات المنتجة، وتشجيع الاستثمار وخلق فرص الشغل، يجب أن يترافق مع تقوية آليات الحماية الاجتماعية، وضمان الولوج العادل للخدمات الأساسية، معتبرًا أن ذلك وحده الكفيل بإرساء تنمية مستدامة لا تترك أحدًا خلف الركب.
من جانبه، أبرز الأستاذ محمد الصالحي، الخبير في السياسات العمومية، أن “التحولات الاقتصادية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار البعد الاجتماعي، خصوصًا في ما يتعلق بالفئات الهشة، والطبقة الوسطى، وساكنة العالم القروي”، داعيًا إلى تعزيز التنسيق المؤسساتي بين القطاعات الوزارية لضمان التقائية السياسات العمومية.
و دعا المتدخلون إلى تبني مقاربة تشاركية في بلورة السياسات التنموية، تشمل مختلف الفاعلين من سلطات عمومية، ومجالس منتخبة، ومجتمع مدني، ومقاولات، بما يضمن تحقيق تنمية عادلة، تنعكس إيجابًا على الحياة اليومية للمواطنين في جميع جهات المملكة.
و يأتي هذا النقاش في سياق يتسم بتحديات اجتماعية واقتصادية متشابكة، من بينها البطالة، وغلاء المعيشة، وارتفاع نسب الفقر في بعض المناطق، ما يستوجب، بحسب المتابعين، تعزيز الانسجام بين الأهداف الاقتصادية والطموحات الاجتماعية في كل مراحل التخطيط والتنفيذ والتقييم.
المصدر : فاس نيوز ميديا